العائدون من الموت (الجزء الأول)

 العائدون من الموت 

( الجزء الأول )



 تعد تجربة الإقتراب من الموت حدثاً نفسياً عميقاً مع عناصر باطنية، ويحدث هذا عادة لدى الأشخاص القريبين من الموت، أو في حالات الألم الجسدي أو العاطفي الشديد.

 كما يمكن أن تحدث هذه التجربة أيضا بعد الإصابة بأزمات قلبية أو دماغية، أو حتى أثناء التأمل والإغماء، فقدان الوعي بسبب انخفاض ضغط الدم.

 وتحدث هذه التجربة بموت الدماغ وتوقفه عن العمل، ومن ثم خروج الجسد الأثيري وتحرره من الجسد الفيزيائية، بمعنى أن يخرج المريض من جسده الفيزيائي، ويحلق كطيف غير مرئية.أو كما يعرف بجسده الأثيرية، لينتقل إلى عالم ذي أبعاد أخرى، يرى فيه ما لا يمكن أن يراه في حياته. في ممر في بداية رحلته بنفق مظلم للغاية ينتهي بنور ساطعا شديد، وقد يلتقي خلال رحلته بأشخاص متوفين ويتحدث إليهم.


ما هي هذه الظاهرة من المنظور العلمي؟ 



هي ظاهرة غير طبيعية نادرة الحدوث، تتلخص ماهيتها في أن البعض ممن تعرضوا لحوادث كادت أن تودي بحياتهم قد مروا بأحداث مختلفة في أماكن مختلفة أيضا. منهم من وصف ما حدث له بالطيب والجميل، ومنهم ما وصفه بالشر والعذاب.

وتشمل الخصائص المشتركة التي يقدمها الناس الشعور بالرضى والإنفصال النفسي عن الجسم، كتجارب الخروج من الجسد، والحركة السريعة عبر نفق مظلم طويل، مع ظهور ضوء ساطع.

 ويمكن أن تؤثر الثقافة والعمر أيضاً على نوع تجربة الإقتراب من الموت التي يشهدها الناس،من أكثر التشابهات التي رويت في تلك الحوادث مرور الشخص بنفق إما أبيض أو مظلم، حتى يصل إلى نور أبيض، ولا يوجد تفسير علمي لهذه الظاهرة.

 ولكن بعض العلماء ممن اهتم بهذه الظاهرة حاول تفسيرها على أن العقل الباطن هو من يفتعل تلك الأحداث وتلك الأماكن لتسهيل عمليات الموت.ما يحدث في النمط التقليدي لتجارب الإقتراب من الموت هو عملية خروج للجسد الأثيري، أو ما نسميه الروح من الجسد الفيزيائي أو الجسد للشخص.

بعدذلك تبدأ عمليات إجتياز لنفق مظلم في نهايته نور ساطعة، ويخيل لصاحبه أنه في الجنة، حيث يلتقي بأحبائه من الموتى، فيرغب في البقاء كارهان العودة إلى جسمه المادي، لكنه يسمع صوتاً ما أو يخبره أحد أحبائه الموتى.أن عليه العودة، وأن ساعته لم تحن بعد، أو لا يزال هناك الكثير من المهام التي يجب عليه القيام بها. 

ما هي تجارب الاقتراب من الموت؟


وقد تخرج بعض التجارب عن النمط المعهودة، ولكن تبقى للإستفتاء الذي قام به جورج كالوب في أمريكا، فإن نسبة 9 أشخاص أقروا بعبورهم مثل هذا النفق.وفقا لأكثر الدراسات التي قام بها باحثون من علماء وفلاسفة وأطباء، فإن أكثر الظروف ملائمة لحدوث مثل هذه التجربة تتضمن حدوث أعراض لحالات مرضية خطيرة كالإصابة بالسكتة القلبية أو بجروح تنجم عن حوادث سيرة.أو سقوط من مكان شاهق أو غرق. وغيرها الكثير من الحالات الأخرى التي يكون فيها صاحب التجربة على مقربة من الموت أو أثناء العمليات الجراحية والقيصرية للنساء.

 وفي حالات أخرى بسبب تناول عقار ما كان له تأثير مباشر على القلب.وحسب ما يراه الطبيب الهولندي المختص في أمراض القلب بيم فان لوميل بأن أكثر الحالات ترددا على تجربة العودة من الموت هم من يتعرضون للسكتة القلبية ونجوا منها. 

و ذكر هذا في بحث علميا عن هذه التجارب وعلاقته معها بحكم عمله كطبيب مختص للأمراض القلبية، ومن أشهر الكتب التي تحدثت عن هذه الظاهرة هو كتاب العودة من الغد الذي ألفه الجورج ريتشي، حيث تحدث فيه عن ما حدث له من تجربة خلال موت سريري دام 6 دقايق سنة 1943.عندما كان طالبا في دراسة الطب، 

وبالعودة إلى الطبيب الهولندي بيم فان لوميل، فقد قام في سنة 1998 بدراسة لحالة 344 مريضاً نجوا من السكتة القلبية بصورة متعاقبة ، متحريا بذلك حالة التكرارية، وسبب تجارب الإقتراب من الموت، وما تضمنته هذه التجارب أيضا عند سؤال هؤلاء المرضى فيما إذا كانوا يتذكرون فترة الوعي أثناء موتهم السريرية، وما الذي يتذكرونه، وبعد توثيق ما أفاد به هؤلاء المرضى.كانت النتائج كالآتي.أفاد 62 مريضا، أي نسبة 18%، بأنهم يتذكرون الفترة التي كانوا فيها في حالة الموت السريرية، في حين أقر 41 مريضاً، أي ما نسبته 12%، بأنهم يتذكرون أموراً ما أثناء فترة موتهم السريرية.وأفاد 21 مريضا أي ما نسبته 6% أنه قد حصلت معهم تجارب غير جوهرية أثناء تلك الفترة.

وأفاد 21 مريضا، أي ما نسبته 6%، أنه قد حصلت معهم تجارب غير جوهرية أثناء تلك الفترة، كما أفاد 23 مريضا ما نسبته 7%؟ بأنهم قد حدثت معهم تجارب جوهرية، في حين لم يتذكر 200.

من نجوا من السكتة القلبية، أفاد 11 مريضا، أي ما نسبته 10%، بأنهم قد حدثت لهم تجارب الاقتراب من الموت، ولم تذكر هذه الدراسة عدد المرضى الذين حدثت معهم تجارب اقتراب سطحية.

 وفي دراسة بريطانية أجريت أيضا على نفس النوع من المرضى.بلغ عددهم 63 مريضا قد نجوا من خطر السكتة القلبية، أفاد أربعة منهم، أي ما نسبته 6.3% منهم فقط، بحدوث تجارب اقتراب جوهرية، وأفاد ثلاثة منهم، أي ما نسبته 4.8%، بحدوث تجارب غير عميقة.في حين تحدث سبعة منهم، أي ما بلغت نسبته 11%، عن ذكريات حدثت لهم أثناء السكتة القلبية. 

وفي دراسة ليبي ملفان لوميل، والتي أجراها على 50 مريضا، حدثت لهم تجارب الإقتراب من الموت، أفادوا عن إدراكهم لأنفسهم وهم في حالة الموت.وأفاد 30% منهم عن مسيرهم خلال نفق ورؤيتهم لمشاهد سماوية، أو أنهم قد التقوا بأقاربهم الموتى.

 كما أفاد 25 منهم عن تجاربهم في الخروج من الجسد، وأنهم قد تخاطروا مع النور، أو أنهم قدر رأوا ألواناً، وقال 13% منهم.أنهم قدر رأوا استعراض لحياتهم. 



إن الرأي السائد الذي يتفق عليه جميع الباحثين المؤمنين تقريبا بظاهرة تجارب الإقتراب من الموت على أنها "ولوج إلى عالم من الوعي الإنساني، ندخله جميعا بعد أن نغادر العالم المادي الذي نعيش فيه في حالة الموت".

 كما يشبه إلى حد ما العالم الذي ندخله عندما نكون في حالة اللاوعي، ونعود إليه للإستكشاف، كما يحدث أثناء النوم. من الناحية الطبيعية، لا يستطيع البشر الأحياء مغادرة العالم المادي للإستكشاف. إنهم يستطيعون فقط تعلم التركيز على ما وراءه.على الرغم من وجود العديد من النظريات المستخدمة لتفسير تجارب الإقتراب من الموت، إلا أن الوصول إلى ما يسببها فعلا أمر صعب، ومن ضروب المستحيل.

حيث سنتناول تعدد الآراء في المجتمع العلمي حول حقيقة هذه الظاهرة ما بين إنكار وتأييد، فحين يرى فريق ويؤكد أن الأمر محض، يسببها التخدير ونقص الأوكسجين في الدماغ، وأن هذه الرؤى سببها الخلفية الدينية للذين مروا بهذه التجربة، متجاهلا أن هناك ملحدين مروا بنفس التجربة، مما يعني أن الأمر لا علاقة له بأفكار، دينية مخزنة في العقل الباطن، أو ما شابه ذلك.

 يرى فريق آخر أن التجربة أكثر تعقيدا من أن تكون مجرد هلاوس، فكيف يمكن أن تتشابه الرؤى إلى هذه الدرجة بالرغم من اختلاف هويات وديانات وثقافات من عاشوها؟ فالأمر يحتاج للمزيد من الأبحاث والدراسات المتعمقة لفك غموض هذه الظاهرة.

والمفارقة الأغرب في الموضوع هو أن المكفوفين الذين مروا بهذه التجربة تمكنوا من الرؤية خلال هذه التجارب، وهو ما يزيد من غموض وغرابة الأمر. 

انتظرونا في الجزء الثاني الذي سنستعرض معكم قصصا مختلفة لمن عاشوا هذه التجربة الفريدة والغريبة، و عادوا من الموت بعد أن كانوا أقرب ما يكون إليه من الحياة.






تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-